واتبعوا ما أُنزل على الملكين، وقيل: {مَآ أُنْزِلَ} ما: نافية أي لم ينزل على الملكين، قال ابن الأنباري: وهذا الوجه ضعيف جداً، لأنه خلاف الظاهر والمعنى، فكان غيره أولى.
ثالثاً: قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشتراه مَا لَهُ فِي الآخرة مِنْ خلاق} .
اللام في {لَمَنِ اشتراه} لام الابتداء، و (مَنْ) بمعنى الذي في موضع رفع لأنه مبتدأ، وخبره جملة {مَا لَهُ فِي الآخرة مِنْ خلاق} و {مِنْ} في قوله: {مِنْ خلاق} زائدة لتأكيد النفي، وتقديره: ما له في الآخرة خلاق.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: تضمنت هذه الآيات الكريمة ما كان عليه اليهود من الخبث وفساد النيّة، والسعي للإضرار بعباد الله، فالسّحر لم يُعرف إلاّ عند اليهود، فتاريخه مشتهر بظهورهم، فهم الذين نبذوا كتاب الله وسلكوا طريق السحر، وعملوا على إفساد عقول الناس وعقائدهم بطريق السحر، والشعوذة، والتضليل، وهذا يدل على أنّ اليهود أصل كل شرّ، ومصدر كلّ فتنة وقد صوّر القرآن الكريم نفسيّة اليهود بهذا التصوير الدقيق
{كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا الله وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَاداً والله لاَ يُحِبُّ المفسدين} [المائدة: 64] .
اللطيفة الثانية: قال أبو حيان: كما كانت الآيات السابقة فيها ما يتضمّن الوعيد في قوله تعالى: {فَإِنَّ الله عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98] وقوله: {وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاَّ الفاسقون} [البقرة: 99] وذكر نبذ العهود من اليهود، ونبذ كتاب الله، واتباع الشاطين، وتعلم ما يضر ولا ينفع، أتبع ذلك بآية تتضمن الوعد الجميل لمن آمن واتقى.