وهذا النوع من الربا هو المستعمل الآن في البنوك والمصارف المالية، حيث يأخذون نسبة معينة في المائة كخمسة أو عشرة في المائة ويدفعون الأموال إلى الشركات والأفراد.
أما الثاني (ربا الفضل) : فهو الذي وضحته السنّة النبوية المطهرة، وهو أن يبيع الشيء بنظيره مع زيادة أحد العوضين على الآخر، مثاله: أن يبيع كيلاً من القمح بكيلين من قمح آخر، أو رطلاً من العسل الشامي برطل ونصف من العسل الحجازي، وهكذا في جميع المكيلات والموزونات.
والقاعدة الفقهية في هذا النوع من التعامل هي أنه (إذا اتحد الجنسان حرم الزيادة والنّساء، وإذا اختلف الجنسان حلّ التفاضل دون النساء) .
وتوضيحاً لهذه القاعدة الفقهية نقول: إذا أردنا مبادلة عين بعين كزيت بزيت، أو قمح بقمح، أو عنبٍ بعنب، أو تمر بتمر، حرمت الزيادة مطلقاً ولا تعتبر الجودة والرداءة هنا، وإذا اختلفت الأجناس كقمح بشعير، أو زيت بتمر مثلاً جازت الزيادة فيه بشرط القبض لما روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال:
«الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرّ بالبُرّ، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثلٍ، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء» وفي حديث آخر «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يداً بيد» أي مقبوضاً وحالاً.
الحكم الثاني: هل يباح الربا القليل؟ وما المراد من قوله تعالى: {لاَ تَأْكُلُواْ الرباوا أضعافا مضاعفة} [آل عمران: 130] ؟
يذهب بعض ضعفاء الإيمان (من مسلمي هذا العصر) إلى أن الربا المحرم إنما هو الربا الفاحش، الذي تكون النسبة فيه مرتفعة، ويقصد منه استغلال حاجة الناس، أما الربا القليل الذي لا يتجاوز نسبته اثنين أو ثلاثة في المائة فإنه غير محرم، ويحتجون على دعواهم الباطلة بأنّ الله تبارك وتعالى إنما حرم الربا إذا كان فاحشاً حيث قال تبارك وتعالى: {لاَ تَأْكُلُواْ الرباوا أضعافا مضاعفة} [آل عمران: 130]