وفي الحديث: «اللهمّ اشدُدْ وطأتك على مُضَر» فالليل وقت النوم والراحة، فمن شغله بالعبادة فقد تحمل المشقة العظيمة.
والمعنى: إن قيام الليل للعبادة، وقضاء ساعاته في الطاعة، أشدّ ثقلاً على النفس، وأرجى عند الله وأقوم.
{وَأَقْوَمُ قِيلاً} : أي أشدّ استقامة واستمراراً، وأكثر استقامة على نهج الحق والصواب، لأن الليل تهدأ فيه الأصوات، وتنقطع فيه الحركات فتخلص فيه القراءة، ويفرغ القلب لفهم التلاوة، فلا يكون دون تسمعه وتفهمه حائل.
{سَبْحَاً} : قال المبرّد: سبحاً أي تقلباً وتصرفاً في المهمّات كما يتردّد السابح في الماء قال الشاعر:
أباحوا لكم شرقَ البلاد وغربَها ... ففيها لكم يا صَاحِ سبْحٌ من السّبْح
قال في «اللسان» : السّبْح: الفراغ وفي التنزيل {سَبْحَاً طَوِيلاً} إنما يعني به فراغاً طويلاً وتصرفاً، وقيل: معناه: لك في النهار ما تقضي حوائجك.
وقال الزجاج: إن فاتك من الليل شيء من النوم والراحة، فلك في النهار فراغ فاصرفه إليه.
وقال ابن عباس: لك في النهار فراغ لنومك وراحتك، فاجعل ناشئة الليل لعبادتك.
{وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} : التبتّل الانقطاع إلى العبادة، ومنه قيل لمريم عليها السلام (البتول)