فإنّ الله تعالى يحبّ من عباده الطاعة، ويرفع درجات المؤمنين، والعلماء العاملين، الذين يبتغون بعلمهم وجه الله، فالعلماء ورثة الأنبياء، ومن يرد الله به خيراً يفقِّهه في الدين، وليست الرفعة عند الله تعالى بالسبق إلى صدور المجالس، وإنما هي بالعلم والإيمان.
ثم أمر تعالى عباده المؤمنين إذا أرادوا مناجاته عليه السلام لأمر من الأمور، أن يتصدقوا قبل هذه المناجاة، تعظيماً لشأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ونفعاً للفقراء، وتمييزاً بين المؤمن المخلص، والمنافق المراوغ، فإنّ ذلك أزكى للنفوس، وأطهر للقلوب، وأكرم عند الله تعالى، فإذا لم يتيسر للمؤمن الصدقة فلا بأس عليه ولا حرج.
ثم أخبر تعالى بأنّ عمل الخير كالصدقة وغيرها لا ينبغي أن يخاف منها الإنسان، فقال ما معناه: أخفتم تقديم الصدقات لما فيها من إنفاق المال، فإذا لم تفعلوا ما أُمرتم به، وتاب الله عليكم ورخّص لكم في الترك، فأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة ولا تفرِّطوا فيهما وفي سائر الطاعات لأن الله خبير بما تعملون.
سبب النزول
أ - روي أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان يوم جمعة في الصفّة، وفي المكان ضيق، وكان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ يكرم أهل بدر من (المهاجرين والأنصار) فجاء ناس من أهل بدر، منهم (ثابت بن قيس بن شمّاس) وقد سُبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقالوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فردّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثم سلّموا على القوم فردّوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسّع لهم، فلم يفسحوا لهم، فشقّ ذلك على