لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: يقول علماء اللغة: (قَدْ) حرف يُوجَب به الشيء وهي إذا دخلت على الماضي تفيد (التحقيق) وإذا دخلت على المضارع تفيد (التقليل) لأنها تميل إلى الشك تقول: قد ينزل المطر، وقد يجود البخيل، وأمّا في كلام الله فهي للتحقيق سواءً دخلت على الماضي أو المضارع كقوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ الله المعوقين مِنكُمْ} [الأحزاب: 18] .
قال الجوهري: (قد) حرف لا يدخل إلاّ على الأفعال.
قال الزمخشري: «معنى (قد) التوقع لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمجادِلة كانا متوقعين أن ينزل الله في شكواها ما يفرّج عنها» .
ومعنى سمعه تعالى لقولها إجابة دعائها، لا مجرد علمه تعالى بذلك، وهو كقول المصلي: سمع الله لمن حمده.
اللطيفة الثانية: قوله تعالى: {والله يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ إِنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ} قال الإمام الفخر: هذه الواقعة تدل على أنّ من انقطع رجاؤه عن الخلق، ولم يبق له فيما أهمّه أحد سوى الخالق كفاه الله ذلك الأمر.
وصيغةُ المضارع (يسمع) تفيد التجدّد، للدلالة على استمرار السمع حسب استمرار التحاور وتجدّده، وذكْرُهَا مع الرسول في سلك الخطاب (تحاوكما) تشريف لها بهذا الخطاب الكريم، وإظهارُ الاسم الجليل في الموضعين لتربية المهابة والروعة في قلوب المؤمنين.