ب - وأمَّا قوله تعالى: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا} فقد ذُكِر في سبب نزولها ما يأتي:
أولاً: أخرج البخاري ومسلم وابن جرير وغيرهم عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنه قال: «قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لو أتيتَ (عبد الله بن أُبَي) فانطلَقَ إليه وركب حماراً، وانطلق معه المسلمون يمشون، فلما أتاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: إليك عني، فوالله لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار: واللَّهِ لحمارُ رسول الله أطيب ريحاً منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه، وغضب للأنصاري آخرون من قومه، فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنّعال، فأنزل الله فيهم: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا} .
ثانياً: وروى الشيخان عن أسامة بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج يعود (سعد بن عُبادة) فمرّ بمجلس فيهم عبد الله بن أُبَيّ، وعبد الله بن رواحة، فخمّر ابن أُبيّ وجهه برادائه، وقال: لا تغبّروا علينا، فقال عبد الله بن رواحة: لحمار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أطيب ريحاً منك، فتعصّب لكل أصحابه فتقاتلوا حتى كان بينم ضرب بالنعال والأيدي والسّعف فنزلت الآية.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى: سورة الحجرات تسمّى سورة (الأخلاق والآداب) فقد أرشدت إلى مكارم الأخلاق، وجاء فيها النداء بوصف الإيمان بقوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا} خمس مرات، وفي كل مرة إرشاد إلى مكرمة