رقائق القران (صفحة 56)

لا، طبعاً، بل هناك ما هو أفظع من ذلك، وهو أن المرء إذا قسا قلبه فقصّر في طاعة الله، بدأ يلتمس لنفسه المخارج بتأويل النصوص لتوافق هواه، فتراه يدس رأسه في مسائل الخلاف يبحث عن القول الذي يوافق تقصيره، ويحني رماح النصوص كي لا تصيبه، أو يلوي أعناقها لتعزز مساره، كما قال الله تعالى في وصف تأثير قسوة القلب على تحريف النصوص: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} (?).

ولذلك فإن الله بحكمته البديعة جعل النصوص مواضع مشتبهة، ومكّن الشيطان من الإغواء كوناً وقدراً، فيلقي الشيطان أمام قلوب الناس لذائذ الشبهات، وكلاليب الحيل والمكايد، فلا يصبر ويسلّم للنصوص ويترك مواضع الاشتباه إلا من رقت قلوبهم بالإيمان، ولا يطيش عقله أمام هذه النصوص فيتخذها تُكأة لتقصيره إلا من قسا قلبه، كما قال الله تعالى: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015