حسناً! هذا (التوكل) الذي أبدأ القرآن فيه وأعاد، وكرره في مواضع كثيرة، وسياقات متنوعة، ما هو بالضبط؟ ما معنى التوكل؟
والإشكال بصياغة أخرى؛ الكثير يتساءل: كيف أكون متوكلاً؟ كيف أحقق هذا المقام الإيماني العظيم الذي يحبه الله، ويعرضه لنا في القرآن بكثرة، ويرغبنا فيه؟
لأهل العلم في علم السلوك ومقامات الإيمان تعريفات كثيرة للتوكل، بعضها فيه تعريف للتوكل في حقيقته الكلية، وبعضها فيه إضاءة لبعض جوانب التوكل، ويبدو أنها بحسب حال السائل، ولكن بعيداً عن الإسهاب في استعراض تعريفات التوكل يمكن القول بكل اختصار: إن التوكل هو «اشتغال الجوارح بالأسباب، واشتغال القلب بالله».
وقد لخص الإمام ابن القيم شيئاً من الوقائع الشرعية في اتخاذ الأسباب لما انتقد الطائفة الصوفية التي ظنت أن التوكل يعني ترك الأسباب، كما يقول ابن القيم ناقداً: «مدعين لأنفسهم حالاً أكمل من حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، إذ لم يكن فيهم أحد قط يفعل ذلك، ولا أخل - النبي وأصحابه - بشيء من الأسباب،