قَالُوا: كَمَا أَمر بِوَاحِد مُبْهَم أَمر بعض مُبْهَم. قُلْنَا: إِثْم وَاحِد مُبْهَم لَا يعقل قَالُوا: {فلولا نفر} [سُورَة التَّوْبَة: الْآيَة 122] . قُلْنَا: يجب تَأْوِيله على الْمسْقط؛ جمعا بَين الْأَدِلَّة.
هَامِش
والقائلون بِمَا اخترناه " قَالُوا: سقط بِالْبَعْضِ "، وَلَو وَجب على الْكل لما كَانَ كَذَلِك؛ إِذْ يستبعد سُقُوط الْوَاجِب على الْمُكَلف بِفعل غَيره.
" قُلْنَا: استبعاد " لَا يَقْتَضِي الِامْتِنَاع.
الشَّرْح: " قَالُوا: كَمَا أَمر بِوَاحِد مُبْهَم " فِي خِصَال الْكَفَّارَة " أَمر بعض مُبْهَم.
قَالَ: " قُلْنَا: إِثْم وَاحِد مُبْهَم لَا يعقل "، بِخِلَاف الْإِثْم بترك وَاحِد مُبْهَم.
وَلَك أَن تَقول: نَحن لَا نؤثم [مُبْهما] ، وَإِنَّمَا نؤثم الْكل، وَلَا يمْتَنع كَمَا قدمْنَاهُ.
" قَالُوا: {فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة " [سُورَة التَّوْبَة: الْآيَة 122] ". دَلِيل على أَن فرض الْكِفَايَة غير معِين؛ إِذْ طلب التفقه - وَهُوَ من فروض الْكِفَايَة من طَائِفَة وَهِي غير مُعينَة.
قَالَ: " قُلْنَا ": الطَّائِفَة كَمَا يحْتَمل أَن يَكُونُوا الَّذين أوجب عَلَيْهِم طلب التفقه، يحْتَمل أَن يَكُونُوا هم الَّذين يسقطون الْوُجُوب بِالْمُبَاشرَةِ من الْجَمِيع، وَحِينَئِذٍ " يجب تَأْوِيله على الْمسْقط " - وَإِن كَانَ مرجوحا - " جمعا بَين الْأَدِلَّة ".
وَلَك أَن تَقول: أَي أَدِلَّة ذكرت؟ وَلَيْسَ إسقاطهم عَن غَيرهم بفعلهم أولى من تأثيم غَيرهم بتركهم، وَمِمَّا يدل على مَا اخترناه قَوْله تَعَالَى: (ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر} [سُورَة آل عمرَان: الْآيَة 104] ، وَقَوله تَعَالَى: {وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ} [سُورَة النُّور: الْآيَة 2] .
الْأَفْعَال قِسْمَانِ: مَا يتَكَرَّر مصْلحَته بتكرره، فَهُوَ على الْأَعْيَان وكالظهر مثلا، مصلحتها الخضوع، وَهُوَ يتَكَرَّر بتكررها، وَمَا لَا يتَكَرَّر وَهُوَ فرض الْكِفَايَة، كإنقاذ الغريق، وَكِسْوَة العاري، وَنَحْوه