صفحة فارغة

هَامِش ثمن السّلْعَة المعروضة للْبيع، وَهُوَ غير رَاغِب فِيهَا، ليخدع النَّاس ويرغبهم فِيهَا، وَشرط فِي تعصية من بَاعَ على بيع أَخِيه أَن يكون عَالما بِالْحَدِيثِ الْوَارِد فِيهِ.

قَالَ الشارحون: إِن السَّبَب فِيهِ أَن النجش خديعة، وَتَحْرِيم الخديعة وَاضح لكل أحد، مَعْلُوم من الْأَلْفَاظ الْعَامَّة، وَإِن لم يعلم الْخَبَر فِيهِ بِخُصُوصِهِ، وَالْبيع على بيع الْأَخ إِنَّمَا عرف تَحْرِيمه من الْخَبَر الْوَارِد فِيهِ، فَلَا يعرفهُ من لَا يعرف الْخَبَر.

وَذكر بَعضهم: أَن تَحْرِيم الخداع يعرف بِالْعقلِ، وَإِن لم يرد فِيهِ شرع.

وَاعْترض الرَّافِعِيّ على هَذَا بِأَنَّهُ لَيْسَ معتقدنا.

وَفِيه نظر، فَإِن هَذَا الْقَائِل لم يقل: إِن الْعقل حرم، وَلَو أَرَادَ ذَلِك لم يقل: يعرف بِالْعقلِ. بل كَانَ يَقُول: الْعقل يحرم الخداع، أَو مَا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنى، وَإِنَّمَا مُرَاده أَن الْعقل يدْرك تَحْرِيم الخداع من غير زِيَادَة فِي الْفِكر وَالنَّظَر؛ إِذْ كل نجش خديعة. وكل خديعة حرَام، وينتج عَن هَذَا أَن النجش حرَام - وَمرَاده بقوله: " وَإِن لم يرد شرع " أَي: خبر خَاص، لَا القَوْل بِأَن الْعقل يحسن ويقبح، كَمَا فهمه الرَّافِعِيّ.

فَإِن قلت: فَالْبيع على بيع الْأَخ إِضْرَار، وكما يعرف تَحْرِيم النجش من الْأَلْفَاظ الْعَامَّة فِي تَحْرِيم الخداع يعلم تَحْرِيمه من الْأَلْفَاظ الْعَامَّة فِي تَحْرِيم الْإِضْرَار.

قلت: كَذَا اعْترض [بِهِ] الرَّافِعِيّ.

وَلقَائِل أَن يَقُول: لَا يُؤْخَذ البيع على البيع من الْأَلْفَاظ الْعَامَّة، وَإِن أَخذ النجش.

وَالْفرق أَن النجش لَا يجلب للناجش مصلحَة؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَض لَهُ إِلَّا الزِّيَادَة فِي ثمن السّلْعَة لتجلب نفعا لصَاحِبهَا يلْزم مِنْهُ الْإِضْرَار بالمشتري، وجلب مَنْفَعَة لشخص بإضرار آخر حرَام، وَاضح من الْقَوَاعِد المقررة فِي الشَّرْع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015