وعَلى الجبائية لَو حسن الْفِعْل أَو قبح لغير الطّلب، لم يكن تعلق الطّلب لنَفسِهِ؛ لتوقفه على أَمر زَائِد.
وَأَيْضًا: لَو حسن الْفِعْل أَو قبح لذاته أَو لصفته، لم يكن البارئ مُخْتَارًا فِي الحكم؛ لِأَن الحكم بالمرجوح على خلاف الْمَعْقُول؛ فَيلْزم الآخر، فَلَا اخْتِيَار.
هَامِش على الْحَقِيقَة، فقد أعظم الْفِرْيَة على ربه، فَلَقَد وضح كَالشَّمْسِ أَن الجبري مُبْطل لدَعْوَة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام.
والقدري مُثبت لرَبه شَرِيكا، وَهَذِه جملَة لَا يقنع بهَا الطَّالِب للبسط، وفيهَا رمز إِلَى خُلَاصَة مَا يَقُوله عُلَمَاؤُنَا رَضِي الله عَنْهُم، وَقد تمّ الدَّلِيل على غير الجبائية.
الشَّرْح: " وعَلى الجبائية " أَن نقُول: " لَو حسن الْفِعْل أَو قبح بِغَيْر الطّلب " من الشَّارِع وَكَانَ حسنه، أَو قبحه لما زعمتم من الْوُجُوه والاعتبارات أَو لذاته، " لم يكن تعلق " الْفِعْل لنَفسِهِ - كَذَا بِخَط المُصَنّف، أَي: لم يكن تعلق " الطّلب " بِالْفِعْلِ " لنَفس الْفِعْل "، " لتوقفه على أَمر زَائِد " وَهِي تِلْكَ الْوُجُوه والاعتبارات، والتالي بَاطِل فالمقدم مثله.
أما الشّرطِيَّة؛ فَلِأَن حسن الْفِعْل أَو قبحه لَو كَانَ مُسْتَندا إِلَى اعْتِبَار مَا لَكَانَ متوقفا فِي حسنه على حُصُول ذَلِك الِاعْتِبَار، [والباري - تَعَالَى - إِنَّمَا يَأْمر بِالْفِعْلِ لأجل الْحسن فَيكون الطّلب متوقفا على ذَلِك الِاعْتِبَار] الَّذِي بِهِ يحسن [الْفِعْل] ، وَأما بطلَان التَّالِي، فلأنا نفرض الْكَلَام فِي فعل تعلق الطّلب بِهِ.
الشَّرْح: " وَأَيْضًا " الْحجَّة على الْجَمِيع " لَو حسن الْفِعْل، أَو قبح لذاته، أَو لصفته لم يكن الْبَارِي " - تَعَالَى - " مُخْتَارًا فِي الحكم؛ لِأَن " الْحسن رَاجِح على الْقبْح، والحكيم إِنَّمَا يَأْمر بالراجح، لِأَن " الحكم بالمرجوح على خلاف الْمَعْقُول، فَيلْزم الآخر " وَهُوَ الْحسن الرَّاجِح، وَإِذا كَانَ تعلق الْأَمر بِطرف الْحسن وَاجِبا، وطرف الْقبْح مُمْتَنعا " فَلَا اخْتِيَار ".