الإيمان بخلاف ما فسر به الإسلام ولن يمتري بعد ذلك في تغايرهما إلا مباهت الشرح ثم استدلت المعتزلة أيضا على أن الإيمان هو العبادات بأن قالوا لو لم يكن ذلك وكان عبارة عن التصديق فقط لكان قاطع الطريق مؤمنا لأنه مصدق

الْمُؤمنِينَ} [سُورَة الذاريات: الْآيَة، 35] إِلَى آخرهَا؛ وعورض بقوله: {قل لم تؤمنوا، وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} [سُورَة الحجرات: الْآيَة 14] .

قَالُوا: لَو لم يكن، لَكَانَ قَاطع الطَّرِيق مُؤمنا، وَلَيْسَ بِمُؤْمِن؛ لِأَنَّهُ مخزى؛ بِدَلِيل: {من تدخل النَّار، فقد أخزيته} [سُورَة آل عمرَان: الْآيَة، 92] ، وَالْمُؤمن لَا يخزى؛ بِدَلِيل: {يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا [مَعَه] } [سُورَة التَّحْرِيم: الْآيَة، 8] ؛

هَامِش

" وعورض " أصل دَلِيل الْمُعْتَزلَة، وَقيل: الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ الْأَخِيرَة.

وَقيل: بل بالآيتين؛ " بقوله " تَعَالَى: " {قل: لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا: أسلمنَا} [سُورَة الحجرات: الْآيَة، 17] "؛ سلب عَنْهُم الْإِيمَان، وَأثبت الْإِسْلَام؛ وَذَلِكَ نَص فِي التغاير؛ وَكَذَلِكَ حَدِيث جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - قَوْله: " مَا الْإِيمَان؟ وَمَا الْإِسْلَام؟ " وَفسّر فِيهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْإِيمَان؛ بِخِلَاف مَا فسر بِهِ الْإِسْلَام، وَلنْ يمتري بعد ذَلِك فِي تغايرهما إِلَّا مباهت.

الشَّرْح: ثمَّ استدلت الْمُعْتَزلَة أَيْضا على أَن الْإِيمَان هُوَ الْعِبَادَات؛ بِأَن " قَالُوا: لَو لم يكن " ذَلِك، وَكَانَ عبارَة عَن التَّصْدِيق فَقَط - " لَكَانَ قَاطع الطَّرِيق مُؤمنا "؛ لِأَنَّهُ مُصدق؛ " وَلَيْسَ بِمُؤْمِن؛ لِأَنَّهُ مخزى " بِدُخُول النَّار؛ قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا أَن يقتلُوا أَو يصلبوا أَو تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض، ذَلِك لَهُم خزي فِي الدُّنْيَا، وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم} [سُورَة الْمَائِدَة: الْآيَة، 33] ؛ وَالْعَذَاب الْعَظِيم يشْتَمل على دُخُول النَّار، وكل من يدْخل النَّار فَهُوَ مخزى؛ " بِدَلِيل " قَوْله تَعَالَى: {إِنَّك " من تدخل النَّار، فقد أخزيته} [سُورَة آل عمرَان: الْآيَة، 192] .

وَالْمُؤمن لَا يخزى؛ بِدَلِيل " قَوْله تَعَالَى: " {يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا مَعَه} [سُورَة التَّحْرِيم: الْآيَة، 8] ".

فقاطع الطَّرِيق لَيْسَ بِمُؤْمِن؛ مَعَ تَصْدِيقه؛ فَإِذن: الْإِيمَان: الْعِبَادَات.

وَيُمكن أَن يُقَال أَيْضا: لَو لم يكن، لَكَانَ الزَّانِي وَالسَّارِق مُؤمنين؛ لكنهما ليسَا بمؤمنين؛ لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي، وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق، وَهُوَ مُؤمن "؛ مَعَ أَنَّهُمَا مصدقان، وَهُوَ أخصر؛ وَجَوَابه مَشْهُور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015