فصل: قال أبو محمد عبد السلام، ابن الطوير المصري فِي كتاب نزهة المقلتين فِي أخبار الدولتين: أما القاضي فكان لَهُ النظر فِي الأحكام الشرعية، ويدعى قاضي القضاة، إِلاَّ إِذَا كَانَ وزير السيف موجوداً فإنه هو الَّذِي يلقب بذلك ويكون هو القاضي فقط. فإن كَانَ للخليفة وزير سيف كَانَ هو الَّذِي يوليه نيابة عنه وإلا فالخليفة هو الَّذِي يوليه.
وربما أضيفت إِلَيْهِ الدعوة فيكون قاضي القضاة وداعي الدعاة. وحال الداعي فِي التقليد كحال القاضي، ولا يخرج شيء من الأمور الدينية عن القاضي إِلاَّ للداعي إِذَا كَانَ مستقلاً بِهِ، وإلى القاضي استخلاف النواب فِي جميع الأعمال، وتقرير الخطباء بالجوامع، والمصدرين وأئمة المساجد، وكتاب الشروط الحكمية، والنظر فِي أحوال الجوامع وقَوَمَتها، ومؤذنيها، ومن بالأسواق من الدلالين عَلَى الرقيق، ومن يكتب العهد.
وَلَهُ صناديق مُعَدّة بالجامع العتيق توضع فِيهَا السجلات فِي كل شهر، يرجع إِلَيْهَا منت بَعُد عهده أَوْ جحد عند المخاصمة، وكذا مَا يَرِدُ من المكاتبات ويصدر إِلَى النواب ولم يكن أحد من النواب يتولى إِلاَّ بخط منه عَلَى قصته، وَكَانَ جلوسه بالجامع يومي السبت والثلاثاء بزيادة الجامع، ويفرش لَهُ طرحة ومرتبة حرير ومسند، ثُمَّ بطل ذَلِكَ من حين ولي ابن أبي عقيل، واقتصر عَلَى الطراحة السامان واستمر ذَلِكَ بعده وَكَانَ الشهود يجلسون حوله يمنة ويسرة، وجلوسهم بحسب السبق من تاريخ تعديله، وبين يديه حاجبان، وَعَلَى باب المقصورة الَّتِي يحكم فِيهَا آخران، وَلَهُ خامس عَلَى باب الجامع يوصل الخصوم إِلَيْهِ. وَلَهُ أربعة من الموقعين، اثنان يقابلان اثنين.
ودواته محلاّة بالفضة، تحمل إِلَيْهِ من خزانة الخليفة، وتوضع عَلَى كرسي لطيف، ولحاملها جامكية شهرية عَلَى ديوان السلطان.