الأكبر، وتصدى للإِشغال، وأخذ فِي تِلْكَ الأيام عن شمس الدين الأيكي، وناب عن أخيه إمام الدين لما ولي القضاء، ثُمَّ ولاه السلطان بعده ووصله بمال كثير.

وسمع من العز أحمد بن إبراهيم الفاروثي وغيره. وولي الخطابة بالجامع الأموي، ثُمَّ ولي القضاء وجفل مع من جفل فِي وقعة قازان، فسكن الديار المصرية إِلَى أن ولي القضاء بعد عَمَى القاضي بدر الدين ابن جماعة سنة سبع وعشرين وسبعمائة.

وصنف (تلخيص المفتاح) فتلقاه العلماء فِي الأقطار بالقَبول وعَنَوْا بِهِ وشرحوه، وبرع فِي الفقه والنحو والتصريف والمعاني والبيان والأصول، وَلَهُ كتاب (الإيضاح) ، وَكَانَ جواداً مفضالاً كثير الإحسان، متأنقاً فِي المآكل والملابس والمساكن، وبلغ من العز والجاه وتعظيم السلطان لَهُ مَا لا مزيد منه.

وحج مع السلطان فِي سنة اثنتين وثلاثين فوصله بجملة، وَكَانَ إِذَا جلس فِي دار العدل لَمْ يكن لأحد معه كلام، ويرمّل على يد السلطان فِي دار العدل وتَخرج القصص الكثيرة، فترجع بشفاعته مقضية.

وَكَانَ ملجأ للسائلين فِي ذَلِكَ، وحصل لهم بوجوده رفق كبير إِلَى الغاية.

هذا مَا كَانَ فِيهِ من جميل المحاضرة، وحسن الملاقاة، وفصاحة اللسان، والجمال وحسن الصورة، وحلاوة العبارة، وحدة الذهن، والإنصاف فِي البحث والتأني، والذكاء المفرط، والميل الكبير إِلَى الأدب، وحسن الخَطّ.

قال الصفدي: كَانَ من كَمَلة الزمان وأفراد العصر فِي مجموعه.

ويحمى أن فقيهاً من جيرانه كَانَ يؤم ببعض المساجد نيابة عن صاحب ذَلِكَ المسجد بستين درهماً فِي كل شهر، وأنه أقام سنة وصاحب المسجد لا يسمع لَهُ بشيء، فَقَرُبَ عيد الفطر واحتاج إِلَى توسعةٍ، فطالب ناظر المسجد فَسَوَّفَ بِهِ، فتوسل إِلَى القاضي جلال الدين بعض جيرانه أن يرسل إِلَى الناظر يأمره بصرف معلومه، فأخذه التاجر وتوجه بِهِ إِلَى منزل القاضي فصلى معه المغرب، وذلك فِي أواخر شهر رمضان وهو بمنزله بجزيرة الفيل، فمدّ السماط فكان شيئاً فاخراً جدّاً، وَلَمْ يحجب عنه أحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015