في هذا، واختلف في صفته، فروي الحسن بن زياد عن أبي حنيفة -رضي الله عنه- أن مغلظ النجاسة وروى أبو يوسف (ق 14 / ب) عنه أن مخففها وروى محمد عنه أنه طاهر غير طهور، وبه يفتي مشايخ العراق، لم يحققوا الخلاف فقالوا: طاهر غير طهور عند أصحابنا، وهو اختيار المحققين من مشايخ ما وراء النهر، قال القاضي أبو حازم (?): أرجو أن رواية التنجس لم تثبت، وإنما يأخذ الماء حكم الاستعمال بعد انفصاله عن أعضاء المتطهر في الصحيح، ولسنا بصدد الوجوه في هذه الرسالة، وإنما المراد بيان الأحكام، فإذا عرفت أن الفتوى على طهارته فاعلم أنه إذا اختلط بالمطلق لا يقيده ما لم يغلب على المطلق. قال في البدائع في الكلام على حديث "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم" لا يقال أنه ينهى لما فيه من إخراج الماء من أن يكون مطهراً من غير ضرورة وذلك حرام؛ لأنا نقول: الماء القليل إنما يخرج عن كونه مطهراً باختلاط غير المطهر به إذا كان غير المطهر غالبًا كماء الورد واللبن ونحو ذلك، فأما إذا كان مغلوباً فلا، وههنا الماء المستعمل ما يلاقي البدن، ولاشك أن ذلك أقل من غير المستعمل فكيف يخرج به من أن يكون مطهراً. انتهى وقال في موضع آخر فيمن وقع في البئر: فإن كان على بدنه نجاسة حكمية بأن كان محدثاً أو جنباً أو حائضاً أو نفساء، فعلى قول من لا يجعل هذا الماء مستعملا (?) لا ينزح شيئاً؛ لأنه طهور، وكذا على قول من جعله مستعملاً وجعل المستعمل طاهرا؛ لأن غير المستعمل أكثر، فلا يخرج عن كونه طهورا، أما إذا لم يكن المستعمل غالباً عليه كما لو صب اللبن في البئر بالإجماع أو بالت شاة فيها عند محمد. انتهى
وقال في موضع: ولو اختلط الماء المستعمل بالماء القليل قال بعضهم: لا يجوز التوضؤ به، وإن قل وهذا فاسد، أما عند محمد فلأنه طاهر لم يغلب على الماء المطلق فلا يغيره عن صفة الطهورية