وَثَانِيها: أَنه تَعَالَى حَكِيم بِإِجْمَاع الْمُسلمين، والحكيم لَا يفعل إِلَّا لمصْلحَة فَإِن من يفعل لَا لمصْلحَة يكون عابثا، والعبث على الله تَعَالَى محَال، للنَّص وَالْإِجْمَاع والمعقول. فَثَبت أَنه تَعَالَى شرع الْأَحْكَام لمصْلحَة الْعباد.
وسادسها: أَنه وصف نَفسه بِكَوْنِهِ رؤوفا رحِيما، وَقَالَ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} 1 فَلَو شرع مَا لَا يكون للْعَبد فِيهِ مصلحَة، لم يكن ذَلِك رأفة وَرَحْمَة فَهَذِهِ الْوُجُوه السِّتَّة دَالَّة على أَنه تَعَالَى مَا شرع الْأَحْكَام إِلَّا لمصْلحَة الْعباد"2.
وَقد وَاصل الرَّازِيّ دفاعه عَن التَّعْلِيل بِالْمَصْلَحَةِ بِكُل قُوَّة وحماس، وفند كل مَا يعْتَرض بِهِ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ: "انْعَقَد الْإِجْمَاع على أَن الشَّرَائِع مصَالح، إِمَّا وجوبا كَمَا هُوَ قَول الْمُعْتَزلَة، أَو تفضلا كَمَا هُوَ قَوْلنَا"3.
هَذَا هُوَ موقف الرَّازِيّ من التَّعْلِيل بِالْمَصْلَحَةِ. فَهَل يجوز أَن ينْسب صَاحب هَذَا الْموقف إِلَى إِنْكَار التَّعْلِيل؟.