أَمر الشاشية حَيَاء مني وابقاء عَليّ وَمَا أقدمت على مَا أَسَأْت الْأَدَب فِيهِ من تخريقها بحضرتك إِلَّا لأبرىء ساحتي عنْدك مِمَّا قرفني هَذَا الْفَاجِر الغادر السَّارِق بِهِ قد غل أموالك واحتجنها وألط بِمَا حصل فِي ذمَّته مِنْهَا وَوَاللَّه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وحياتك الجليلة لقد كَانَ من خبري فِي يومي هَذَا وَمَا دبره عَليّ فِي أَمر هَذِه الشاشية كَيْت وَكَيْت وقص عَلَيْهِ الْقِصَّة وَسمي لَهُ نصرا القلانسي غُلَامه الَّذِي كَانَ مَا احتال بِهِ على يَده فاغتاظ الْمَأْمُون على فرج مِمَّا سَمعه وَعجب من إقدامه على مَا صنعه وَأمر باحضار نصر فأحضر وَسَأَلَهُ عَن الصُّورَة فلجلج فِيهَا حَتَّى إِذا مد وَضرب خمسين عَصا اعْترف بهَا وأحال على فرج فِيهَا فبصق الْمَأْمُون عِنْد ذَاك فِي وَجه فرج وَشَتمه وَأمر بِتَسْلِيمِهِ إِلَى مخلد ليحاسبه ويطالبه بالأموال الَّتِي يُخرجهَا عَلَيْهِ وَانْصَرف فرج خازيا منخذلا ومخلد مخلوعا عَلَيْهِ مكرما وَحمل إِلَيْهِ فرج فحبسه عِنْده بعد أَن وبخه على مَا كَانَ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: ألم أقل لَك انك لَا تدع قَبِيح رسمك وَلَا تنْزع عَن ذميم خلقك وعَلى ذَاك فأستأنف من الْإِحْسَان إِلَيْك مَا استديم بِهِ صنع الله عِنْدِي فِيك وَلم يزل مخلد يلطف فِي أَمر فرج ويكلم عَمْرو بن مسْعدَة فِي مقاربته ومباشرته حَتَّى قرر عَلَيْهِ ثَلَاثَة آلَاف ألف دِرْهَم وَكَانَ عَمْرو يعجب من تنَافِي مَا بَين الرجلَيْن والمأمون يعجب ويعجب أَصْحَابه مِنْهُمَا.