قلت: نعم قَالَ: هَاتِهَا وخرق الشاشية فَإِذا صَلِيب من خوص فَلم أفهم الْقِصَّة وَرفعت صوتي فَقَالَ أكفف وكففت وَقَالَ: هَذِه الشاشية من شواشي نصر الَّتِي حملهَا إِلَيْنَا البارحة قلت: نعم قَالَ: اكتم مَا جرى وَلَا تشعر بِهِ أحدا من عُلَمَائِنَا واستدعى أُخْرَى من هَذِه الشواشي وخرقها فَكَانَ فِيهَا مثل مَا كَانَ فِي الأولى وَاعْتبر الْكل فَكَانَت حَالَة وَاحِدَة وَأَمرَنِي بإحضار دَنَانِير عين عَليّ مبلغها فأحضرتها وَأمر بِالصَّدَقَةِ بهَا وَقَالَ: ايتني بشاشية مِمَّا عندنَا من غير صَنْعَة نصر فَأَتَيْته بعدة اخْتَار مِنْهَا وَاحِدَة جَدِيدَة ولبسها وَقَالَ لي: ان نصرا سيقف السَّاعَة بِالْبَابِ وَيرى شاشيتي جَدِيدَة ويسألك عَنْهَا فَإِذا فعل فَقل لَهُ: هَذِه مِمَّا حَملته أمس وَقد أَمر لَك بِدَرَاهِم إِذا عدت دفعتها إِلَيْك وَلَا تزِدْه تبيينا على ذَاك قَالَ طريف: وَخرجت مَعَ مولَايَ فَإِذا نصر بِالْبَابِ كَمَا حسب وسألني عَن الشاشية فأجبته بِمَا وَجب ومضينا إِلَى دَار الْخلَافَة وَأذن الْمَأْمُون للْكتاب والقواد وَدخل فرج فِيمَن دخل وخاض الْكتاب فِيمَا كَانُوا يَخُوضُونَ فِيهِ دَائِما وَتعرض فرج لمولاي فِي بعض مَا جرى وهاتره ونافره وَقَالَ لِلْمَأْمُونِ: وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا يدين بِدينِك وان أظهر انه مَوْلَاك وَلَا يرى نصحك وَأَن زوق بِلِسَانِهِ مَا يزوقه لَك وَأَنه ليعتقد عبَادَة الصَّلِيب وَدَلِيل ذَاك ان فِي شاشيته وَاحِدًا وَمَتى شَككت فِي قولي فخرقها وفتشها واعرف كذبي من صدقي فِيهِ بامتحانها فَوَجَمَ الْمَأْمُون لقَوْله وَحمله كرم النَّفس وَفضل الْحلم على ترك الْأَمر بتخريق الشاشية وبادر مخلد إِلَى أَخذهَا من رَأسه وتمزيقها بَين يَدَيْهِ وَقَالَ: انا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَبدك وَعبد آبَائِك الرَّاشِدين صلوَات الله عَلَيْهِم وَمن يرى إمامتك دينا وَنَصِيحَتِك حَقًا وَقد علمت انك توقفت عَن اختبار