اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} 1، وفيه: {وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا} 2.
قال أبو الفتح: "في هذا دليل على صحة ما يذهب إليه أصحابنا من أن القول مراد مقدر في نحو هذه الأشياء، وأنه ليس كما يذهب إليه الكوفيون من أن الكلام محمول على معناه، دون أن يكون القول مقدرًا معه، وذلك كقول الشاعر:
رجلان من ضبة أخبرانا ... أنا رأينا رجلًا عريانا
فهو عندنا نحن على "قالا"، وعلى قولهم: "لا إضمار قول هناك؛ لكنه لما كان أخبرانا في معنى "قالا لنا" كأنه قال: "قالا لنا"، فأما على إضمار قالا في الحقيقة فلا، وقد رأيت إلى قراءة ابن مسعود كيف ظهر فيها ما يقدره من القول، فصار قاطعًا على أنه مراد فيما يجري مجراه"3.
ونراه هنا يخرج القراءة على ما يذهب إليه البصريون من تقدير القول في نحو هذه الآيات، ويجعل دليله في تخريجه، وتأييد مذهبه النحوي ما رواه ابن مجاهد في مصحف ابن مسعود.
ب- كذلك استعان ابن جني في الاحتجاج لقراءة: "تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ"4، وأولها معتمدًا على ما جاء في مصحف عبد الله5.
جـ- ثم نراه لا يلتفت إلى الدليل الذي استشهد به يحيى بن الحارث في قراءته: "لنظر كيف تعلمون" بنون واحدة. قال ابن شعيب: "فقلت له: ما سمعت أحدًا يقرؤها" قال يحيى: هذا رأينا في الإمام مصحف عثمان، قال أبو الفتح: ظاهر هذا أنه أدغم نون "ننظر" في الظاء، وهذا لا يعرف في اللغة. ويشبه أن تكون أن مخفاة، فظنها القراء مدغمة على عادتهم في تحصيل كثير من الإخفاء إلى أن يظنوه مدغمًا"6.