من أن يكون لهذا والتشبيه، أو لأنهم راعوا إثباتها في المصحف، فلا يجوز أن يكون لهذا الوجه؛ ألا ترى أن تاءات التأنيث أو عامتها قد أثبتت في المصحف هاءات؛ لأن الكتابة على أن كل حرف منفصل من الآخر، وموقوف عليه، فلو كان ذلك للخط لوجب أن يجعل تاءات التأنيث في الدرج هاءات لكتابتهم إياها هاءات، ولوجب في نحو قوله: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} 1 أن يكون في الدرج بالألف؛ لأن الكتابة بالألف، فإذا لم يجز هذا علمت أن الكتابة ليست معتبرة في الوقف على هذه الهاءات، وإذا لم تكن معتبرة علمت أنه للتشبيه بالقوافي"2.
وهكذا نرى مسلكين متخالفين: ابن خالويه يعتد اعتدادًا شديدًا برسم المصحف، وأبو علي الفارسي يحكم القياس في الاحتجاج، ولا يرى أن يأخذ برسم المصحف فيه غالبًا.
وقد رأيت علي بن عيسى الرماني "384هـ" في كتابه معاني الحروف, يعتد برسم المصحف، حتى إنه قال في ردّ رواية قنبل عن ابن كثير: "لأقسم" على أن اللام لام القسم, وهذه القراءة فيها نظر من وجهين:
أحدهما: حذف الألف التي بعد "لا" وهي في الإمام ثابتة.
والثاني: حذف النون التي تصحب لام القسم3.
وابن جني "ت 392هـ" يستشهد برسم المصحف، ويعتمد عليه إذا أيد الرسم ما يذهب إليه، وإذا كان رسم المصحف متفقًا هو وسنن العربية، ولا يخالف أصلًا من أصولها:
أ- ذلك ما رواه ابن مجاهد عن ابن عباس في مصحف ابن مسعود: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا} 4، وفيه: {وَالَّذِينَ