اجتمعت على رسم الألف بعد اللام في قوله في مريم: {لِأَهَبَ لَكِ} 1، وقد قرأها الأئمة ما عدا ورشا في روايته عن نافع: {لِأَهَبَ} 2، ولكن ورشا رجح جانب الرواية عن شيخه نافع. وقد كان هذا الحرف موضع جدل بين الخليفة المأمون، ويحيى بن أكثم، ومحمد بن أبي محمد مقرئ المأمون3.

وتاسعًا: وآية أن القراءة سنة متبعة كذلك: اختلاف الراويين فيما يرويان عن إمام واحد، أحدهما -في باب كالإمالة مثلا- يقرأ بها في كثرة ظاهرة، والآخر يروي الإمالة عن شيخه في قلة نادرة، ذلك عند راويي عاصم: أبي بكر، وحفص، وراويي نافع: قالون، وورش4, حتى إن حفصا لم يمل من جميع القرآن إلا "مجريها" فقط5. أكان ذلك مبعثه الهوى أو أثارة من رأي أو نظر؟ أم كان الداعي إليه الرواية والأثر؟ وهل اقتصار حفص على إمالة هذا الحرف فقط مبعثه الرسم؟ لا! إذ لا ينفرد رسم هذا الحرف بما يدل على إفراده بالإمالة حتى يقرأه حفص -دون غيره- مميلا له.

وعاشرًا: ومما يدل على أن القراءة سنة، وينفي أن الرسم وخاصية الخط العربي سبب اختلاف القراء ما نجده من اختلاف القراء في الواحد -ذي الرسم المتحد- مع اختلاف المواضع, كقراءة أبي جعفر "يُحزِن" بضم الياء وكسر الزاي في الأنبياء فقط6، وفتح الياء وضم الزاي في باقي القرآن7، وقراءة نافع ممكنة في جميع القرآن بضم الياء وكسر الزاي8 إلا في الأنبياء, فإنه فتح الياء وضم الزاي9.

وأستشهد في هذا المقام بما أورد المقدسي في كتابه: "أحسن التقاسيم"، فقد رجّح قراءة ابن عامر لأسباب ذكرها، وذكر من بين هذه الأسباب أنه رأى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015