أرأيت كيف خالف عمرو النحو البصري في قراءته؟ ألا يفسر ذلك بأنه اتبع الأثر في الإدغام، وما تلقاه في روايته؟!

ونرى الكسائي -كذلك- يتخذ موقفين متغايرين كل التغاير: فهو -نحويا1- يرى أن "كلتا" ألفها ألف تثنية2، ويخالف بذلك البصريين الذين يقولون: إن "كلتا" ألفها ألف تأنيث, وهو يميل "كلتا" قارئا3. وفي ذلك دليل على أنه خالف مذهبه النحوي4 في قراءاته؛ لتلقيه عن شيوخه بالسند المتصل5.

وسابعًا: أن القراءة لا تجري على الأفشى في اللغة، والأقيس في العربية6، ومن هنا قال ابن فيره: "وما لقياس في القراءة مدخل".

ولذلك نرى في باب الإمالة -مثلا- قاعدة تنطبق على حروف بأعيانها في القرآن الكريم، فيميل قارئ من القراء بعض هذه الحروف دون البعض الآخر7، وقد يجتمع في بعض الحروف من أسباب الإمالة ما لا يجتمع في حروف أخرى من جنسها، فيميل بعض القراء ما كان سبب الإمالة فيه ضعيفا، ويترك ما كان السبب فيه قويا8.

وثامنًا: على أنه ربما رجح إمام من الأئمة السبعة جانب الرواية على مرسوم المصحف، فيأخذ بالأولى؛ لأنها ثابتة عنده بالنقل والأخذ عن شيوخه الذين اتصل سندهم بقراءة الرسول؛ ذلك ما روى ورش عن نافع9: "إنما أنا رسول ربك ليهب لك"10، مع أنها مرسومة في المصحف: {لِأَهَبَ لَكِ} ؛ حدث أبو عمرو الداني عن شيوخه قال: حدثنا أبو عبيدة: "أن المصاحف كلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015