فربط الأهداف بالرسالة التي نريدها مهم جداً، ولنوضح ذلك:
كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يطوف على القبائل في مواسم الحج ويعرض دعوته عليهم، ويطلب بوضوح النصرة والمأوى والمنعة له ولإصحابه، لارتباط كل هذه بالدعوة وتبليغ دين الله، كما جاء في مسند الإمام أحمد من حديث جابر بن عبد الله، قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على النّاس بالموقف، فيقول:" هل من رجل يحملني إلى قومه فإنّ قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي عز وجل". فأتاه رجل من همدان فقال: "ممن أنت؟ " فقال الرجل: من همدان. قال:" فهل عند قومك من منعة؟ ". قال: نعم. ثم إن الرجل خشي أن يخفره قومه فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: آتيهم فأخبرهم ثم آتيك من عام قابل. قال:" نعم". فانطلق وجاء وفد الأنصار في رجب " (?).
ويحدثنا علي - رضي الله عنه - عن أحدى المرات بينما كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يحاول مع قبائل العرب، ويعرض نفسه عليهم، حدث أمر ذا بالٍ، كما أخرجه ابن حبان في سيرته من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال:" قال حدثني علي بن أبي طالب قال: لما أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر الصديق، حتى دفعنا إلى مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بكر فسلم وقال: ممن القوم ...... "-حتى قال المثنى بن حارثة الشيباني:-:" قد سمعت مقالتك يا أخا قريش! والجواب هو جواب هانىء بن قبيصة، في تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك، وإنما نزلنا بين ضرتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما هاتان الضرتان؟ ". قال: أنهار كسرى ومياه العرب إنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى لا نحدث حدثاً ولا نؤوي محدثا، وإني أرى هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكرهه الملوك، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله لن ينصره إلا من أحاطه الله من جميع جوانبه، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم، ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟ ". فقال النعمان بن شريك: اللهم! نعم. قال: فتلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً} الأحزاب5، ثم نهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قابضا على يد أبي بكر وهو يقول: يا أبا بكر أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها بها يدفع الله بأس بعضهم عن بعض" (?).