والفارسي والرومي، والحبشي، والغفاري، والدوسي، والأوسي والخزرجي، ... الخ، اضف إلى الخلافات الكبيرة بين الأوس والخزرج، ووجود العدو القديم الجديد (اليهود) الذين يتربصون بالمؤمنين، ثم الطابور الثالث (أهل النفاق)، فكانت المؤاخاة مهمة جداً لضبط العلاقات والروابط الاجتماعية (?).
ثم جاء الهدف الثالث: وهو تنظيم العلاقات بين المسلمين وبين غير المسلمين فجاءت الوثيقة النبوية ببنود مهمة أرست القواعد والمبادئ، بما يحقق العدالة والمساواة التامة بين البشر، وأن يتمتع بنو الإنسان على اختلاف ألوانهم، ولغاتهم، وأديانهم، بالحقوق والحريات بأنواعها،"ولا تزال المبادئ التي تضمنها الدستور -في جملتها- معمولاً بها، والأغلب أنها ستظل كذلك في مختلف نظم الحكم المعروفة إلى اليوم ... وصل إليها النّاس بعد قرون من تقريرها، في أول وثيقة سياسية دونها الرسول - صلى الله عليه وسلم - " (?).
فهذه الأهداف الثلاثة هي جزئية يكمل بعضها بعضاً، وهي تصب في تحقيق هدف كبير هو إقامة دولة إسلامية، ولاسيما أنّ الدولة كانت تمر بمنعطف تاريخي كبير، فهي تمر باختبار مهم والكل يتربص بها غلطاً أو تقصيراً، فهي تحولت من جماعة إلى أمة، ومن مرحلة الاستضعاف والتهجير إلى مرحلة الاستقرار والتمكين. فالأهداف الجزئية مهمة جداً، ورسم الخطط والمناهج بهذا الأهداف من واجبات القيادة، وتنظيم هذه الأهداف وترتيبها حسب الأولويات، لتحقيق الهدف الرئيس.
يقول أساتذة التخطيط:" (فكر عالمياً وتصرف محلياً)،أي يجب أن تفكر بشكل شامل واسع، تستطيع من خلال تقييم قدراتك، وتحديد موقعك على خارطة أحلامك بدقة. لكن حينما تبدأ العمل يجب أن تصرف اهتمامك إلى تلك الأشياء الصغيرة التي تستطيع انجازها، والتي تحسب في خانة انجازاتك، إن الهدف الجزئي يكون ممكناً نظراً لسهولة القيام به، لكن الهدف الكبير يكون خيالياً نظراً لشكنا في امكانية القيام به، وكثيراً ما تصبح الأحلام الكبيرة مجرد أمنيات في عقل أصحابها لأنهم لم يجزئوها وينجزوها مرحلة تتبعها أخرى .... فالأحلام الكبيرة والأمجاد العظيمة ممكنة ونقدر عليها بشرط أن نخطط لها جيداً، ونجزئها إلى مراحل ونضع لكل مرحلة خطة عمل ووقتاً للبدء والانتهاء" (?).