وَجَاء فِي التَّارِيخ ان الشّعبِيّ لم ادخل على عبد الْملك بن مَرْوَان برسالة الْحجَّاج اقتحمه ناظره واستصغره قبل أَن يمْتَحن مَا وَرَاء ذَلِك من عقله وَبَيَانه وفضله وحكمته فَقَالَ إِنَّك لدميمٌ يَا شعبي فَاحْتَاجَ الشّعبِيّ إِلَى تمحل الْعذر وإلطاف الْجَواب فَقَالَ زوحمت فِي الرَّحِم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
وَلما أوفد بعض الْمُلُوك رَسُوله إِلَى مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَكَانَ وسيماً جسيماً يمْلَأ الْعين فَأحب مُعَاوِيَة عَيبه فَقَالَ مَا هَذِه الفدامة فِيكُم فَقَالَ الرَّسُول عنوان نعم الله عندنَا فَكَانَ هَذَا الْجَواب غَايَة فِي الْإِحْسَان والسداد لِأَنَّهُ اعْتد العبالة موهبة وَكَانَ جَوَاب الشّعبِيّ تمحلاً لِأَنَّهُ علم أَن الدمامة عيبٌ ونقيصة
وَقد قَالَ شَاعِر الْعَرَب
(تبين لي أَن القماءة ذلةٌ ... وَأَن أشداء الرِّجَال طوالها)
فَكَأَن الْمُلُوك أَرَادَت أَن تستجمع هَذِه الْفَضَائِل على مراتبها فِي رسلها فَيكون الرَّسُول حسن الِاسْم والخلق وَالْبَيَان