...
فصل
فبهذا يتبين أن الشيطان اللعين خدع أهل البدعة والجهل فنصبوا قبورا يعظمونها ويعبدونها من دون الله، ثم أوحى إلى أوليائه أن من نهى عن عبادتها واتخاذها أعيادا فقد انقصها حقها، فيسعى الجاهلون المشركون في قتالهم وعقوبتهم. وما ذنبهم عند هؤلاء إلا أنهم أمروهم بإخلاص التوحيد، ونهوهم عن الشرك بأنواعه وقالوا بتبطيله، فعند ذلك غضب أولئك المشركون، واشمأزت قلوبهم. وقالوا قد انتقصوا أهل المقامات والرتب، فاستحقوا الويل والعتب، وزعموا أنا لا نحترم الصالحين ولا نحبهم حتى سرى ذلك في نفوس الجهال والطغام وكثير ممن ينتسب إلى العلم والدين، وبسبب ذلك عادونا ورمونا بالعظائم والجرائم، ونسبوا كل قبيح إلينا ونفروا الناس عنا وعما ندعو إليه ووالوا أهل الشرك وظاهروهم علينا، وزعموا أنهم أولياء الله وأنصار دينه ورسوله وكتابه ويأبي الله ذلك، فما كانوا أولياءه أن أولياؤه إلا المتقون، الموافقون له، العارفون به، وبما جاء به، والعاملون به، والداعون إليه لا المتشبعون بما لم يعطوا، اللابسون ثياب الزور، الذين يصدون الناس عن دين نبيهم وهديه وسنته ويبغونها عوجا وهم يحسبون أهم يحسنون صنعاً.