كان الأب معسرًا وأنَّ مال الولد معصوم في ملك نفسه لا يحل لأبيه إلَّا بطيبةٍ من نفسه -خلا أنه لا يُحد الأب إن وطيء أمة ابنه الصغير والكبير، ولا تقطع يده إن سرق من مالهما، ويلزمه ضمان ما أخذ.
قال أبو حنيفة: ليس للأب من مال ابنه إلَّا ما احتاج إليه من طعام أو شراب أو لباس. ومثله قالت الهادوية، وللمالكية مثله إلَّا أنهم قالوا: له أن يتصدق من مال ابنه الصغير عن نفسه، ويعتق من ماله ويضمن القيمة في ذلك كله.
وإنَّما ذهب الجماهير إلى ذلك عملًا بعمومات: "لا يحل مال امرءٍ مسلم إلَّا بطيبة من نفسه" (?)، "إنَّ الله حرم دماءكم وأموالكم" (?)، {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188]، ونحوها.
والجواب: أوَّلًا: إنَّها أدلة في غير محل النزاع؛ لأن الشارع جعل مال الولد مالًا للأب، فما أكل مال غيره، بل مال نفسه بحكم الشرع.
وثانيًا: لو سلم شمول عمومات الأدلة لمال الأولاد وشمول النهي للآباء لكان حديث "أنت ومالك لأبيك" مخصصًا له بالدليل، كما أنَّ