بما يعجز عنه فهمه فيضل. كقول عبد الله بن مسعود: [ما من رجل يحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم] وكقول علي: رضي الله عنه [حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتحبون أن يكذب الله ورسوله] . أو مثل قول حق يستلزم فسادا أعظم من تركه فيدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم.
وأما قول السائل إذا قيل بالجواز فهل يجب؟ وهل نقل عنه عليه السلام ما يقتضي وجوبه.
فيقال: لا ريب أنه يجب على كل أحد أن يؤمن بما جاء به الرسول إيمانًا عامًا مجملاً، ولا ريب أن معرفة ما جاء به الرسول على التفصيل فرض على الكفاية فإن ذلك داخل في تبليغ ما بعث الله به رسوله، وداخل في تدبر القرآن وعقله وفهمه، وعلم الكتاب، والحكمة، وحفظ الذكر، والدعاء إلى سبيل الرب بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، ونحو ذلك مما أوجبه الله على المؤمنين فهو واجب على الكفاية منهم.
وأما ما يجب على أعيانهم فهذا يتنوع بتنوع قدرهم، ومعرفتهم، وحاجتهم وما أمر به أعيانهم فلا يجب على العاجز عن سماع بعض العلم، أو عن فهم دقيقه ما يجب على القادر على ذلك، ويجب على من سمع النصوص وفهمها من علم التفصيل ما لا يجب على من لم يسمعها، ويجب على المفتي، والمحدث، والمجادل ما لا يجب على من ليس كذلك.