لما قال: جبر العباد. فقلت لأبي عبد الله فما الجواب في هذه المسألة؟ قال: يضل الله من يشاء، ويهدي من يشاء.
قال المروذي في هذه المسألة: إنه سمع أبا عبد الله لما أنكر على الذي قال: لم يجبر، وعلى من رد عليه: جبر، فقال أبوعبد الله: كلما ابتدع رجل بدعة اتسعوا في جوابها، وقال: يستغفر ربه الذي رد عليهم بمحدثه، وأنكر على من رد بشىء من جنس الكلام، إذا لم يكن له فيها إمام مقدم. قال المروذي: فما كان بأسرع من أن قدم أحمد بن علي من عكبر ومعه مشيخة، وكتاب من أهل عكبر، فأدخلت أحمد بن عليٍّ على أبى عبد الله. فقال: يا أبا عبد الله هو ذا الكتاب، ادفعه إلى أبي بكر حتى يقطعه، وأنا أقوم على منبر عكبر، وأستغفر الله عز وجل. فقال أبو عبد الله لي: ينبغي أن تقبلوا منه، فرجعوا إليه.
وقد بسطنا الكلام في هذا المقام في غير هذا الموضع وتكلمنا على الأصل الفاسد الذي ظنه المتفرقون من أن إثبات المعنى الحق الذي يسمونه جبرًا ينافى الأمر والنهي، حتى جعله القدرية منافيًا للأمر والنهي مطلقًا.
وجعله طائفة من الجبرية منافيًا لحسن الفعل وقبحه، وجعلوا ذلك مما اعتمدوه في نفي حسن الفعل وقبحه القائم به المعلوم بالعقل، ومن المعلوم أنه لا ينافى ذلك، إلا كما ينافيه بمعنى كون الفعل ملائمًا للفاعل ونافعًا له، وكونه منافيًا للفاعل وضارًا له.