يقول الله عز وجل: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء/53]، فليحرص كل منا على انتقاء ألفاظه مع الآخر، فرب كلمة جاءت في غير موضعها تركت آثارًا سيئة للغاية في نفس مستمعها.

وليتجنب كل منا أي لفظ قد يُسيء للآخر، أو يحرجه من قريب أو بعيد، فالكلمة الطيبة صدقة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

فكل إنسان له عورات، ومواضع نقص، ومن أصعب الأشياء على النفس الكشف عن هذه العورات والنقائص، وما أكثر ما جُرحت نفوس بسبب عدم مبالاة البعض واسترسالهم في الكلام دون تخير وانتقاء للألفاظ.

****

أخي في الله ..

قد أختلف معك في الرأي ووجهات النظر، فلا يوغر ذلك صدرك تجاهي، فالخلاف في الرأي لا يُذم في حد ذاته، فهو أمر واقع ماله من دافع، لاختلاف طبائعنا ومشاربنا وطريقة تفكيرنا، بل إن الخلاف في الرأي قد يكون أمرًا محمودًا إن كان من أجل الوصول إلى الحق، وروعيت فيه آدابه.

فلا يحاول كل منا أن ينتصر لرأيه ويرغم اخاه على قبوله، أو يحاول أن يسفه من رأي أخيه، أو يتمنى خطأه ليظهر لمن حوله أنه كان على صواب فيما أبدى من رأي.

ولا ينبغي لأي منا أن يحمل شيئًا في صدره لأخيه إذا انتقده أو عارضه، بل يفسح لأخيه صدره ويشجعه على مزيد من النقد طالما كان من أجل الحق، فالدين النصيحة كما قال صلى الله عليه وسلم.

أخي في الله ..

إن كنا ننادي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الناس، فإن الواجب يُحتم علينا أن نبدأ بأنفسنا أولًا.

فلنتناصح فيما بيننا، ولنتعود على ذلك لنتربى عليه، فإن رأي أحدنا منكرًا يرتكبه الآخر فلينهه عنه بالطريقة الصحيحة التي بينها العلماء.

وليُقوِ كل منا عزائمه، ويستجمع شجاعته ليقول للمسيء: أسأت، وللمخطئ: أخطأت، مهما كانت مكانته.

فلينصح الكبير الصغير بحنان ورفق، ولينصح الصغير الكبير بأدب واحترام.

ولا يظنن الصغير أن الحياء هو الذي يمنعه من نصح الكبير، فالحياء لا يأتي إلا بخير.

فإن لم نستطع أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر فيما بيننا فلن نستطيع أن نقوم به على الوجه الصحيح بين الناس، ففاقد الشيء لا يعطيه.

أخي في الله ..

تعصب للحق ولا تتعصب للأشخاص وإن كانوا من أقرب الناس إليك، فالحق واحد لا يتعدد ولا يتجزأ.

وليَزِن كل منا الآخر على ميزان الحق، ولا يزن الحق عليه.

ولنبتعد عن الاقتداء بالأحياء، وليكن اقتداؤنا بالأموات كما قال أسلافنا: من أراد أن يقتدي فليقتد بمن مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة.

وليكن الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا الأولى ولتكن تصرفاته وأفعاله وأقواله هي الميزان الذي نزن به أنفسنا، والمرجع الذي نُرَدُ إليه إن تشابهت علينا الأمور.

أخي في الله ..

تذكر أني بشر غير معصوم، الأصل فيه النقص والضعف، فإن أخطأت في حقك وأسأت إليك فلا تندهش، ولا تنقلب عليّّ لخطئي فيك، وتذكر أنه كما أن لي عندك سيئات، لي أيضًا حسنات.

فلا تأخذك العاطفة وتدفعك لأن تهيل التراب على أُخوتنا، ولا تطغ يا أخي في الميزان، ولا يدفعك خطأي معك لأن تفشي ما كان بيننا من أسرار، وكن كالكريم الذي قال عنه الشاعر:

ليس الكريم الذي إن ذل صاحبه ... بث الذي كان من أسراره علما

إن الكريم الذي تبقى مودته ... ويحفظ السر إن صافا وإن صرما

****

أخي في الله ..

- إذا أسديت إليّ معروفا فلا تحاول أن تمن عليّ به فتجرحني بذلك وتذكر قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة/264].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015