فهي تحمل الجماء الغفير ضعيفًا وقويا، وتهدي الكافة فهيما وغبيا، وتدعوهم بنداء مشترك دانيا وقصيا، وترفق بجميع المكلفين مطيعا وعصيا، وتقودهم بخزائمهم منقادا وأبيا، وتسوي بينهم بحكم العدل شريفًا ودنيا، وتبوئ حاملها فِي الدنيا والآخرة مكانا عليًّا، وتدرج النبوءة بين جنبيه وإن لم يكن نبيا، وتلبس المتصف بها ملبسا سنيا، حَتَّى يكون لله وليا، فما أغنى من والاها وإن كَانَ فقيرا، وما أفقر من عادها وإن كَانَ غنيًّا. فلم يزل عَلَيْه السلام يدعو بها وإليها، ويبث للثقلين ما لديها، ويناضل ببراهينها عليها، ويحمي بقواطعها جانبيها، بالغ الغاية فِي البيان، بقوله بلسان حاله ومقاله: "أنا النذير العريان" (?) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعلى آله وأصحابه (?) والتابعين وتابعيهم بإحسان إِلَى يوم الدين أما بعد:

فإن طلب العِلْم والاشتغال به من أفضل القربات إِلَى الله تعالى، والعلم فنون، فمنها المقدَّم؛ وهو ما يرتبط بالوحيين لشرف ارتباطه وتعلقه بهما، وهناك من العلوم ما لا يستغني عنه من أراد فهم الوحيين والاستنباط منها والاستدلال بهما وكل مشتغل بهما لابد له منه وهو علم أصول الفقه بل لا يصدق على الفقيه أَنَّهُ فقيه وَلَا المفتي أَنَّهُ مفتٍ إلَّا إِذَا اشتغل بأصول الفقه لأنه به تكتمل آلات الاجتهاد واستثمار الأحكام وإعمال القياس والتعامل مع أدلة الشرع فهو من أجل العلوم مكانة ومنزلة ومن هنا جاءت الرغبة بتحقيق رسالة للعكبري فِي أصول الفقه لأمرين رئيسيين الأول: لأنَّها متقدمة زمنًا، والثاني:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015