المقدمة
إن الحمد لله نحمده سبحانه والحمد نعمة منه مستفادة، ونشكر له والشكر أوَّلَ الزيادة، ونشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، خالق الخلق أجمعين، وباسط الرزق للمطيعين والعاصين، بسطًا يقتضيه العدل والإحسان، والفضل والامتنان.
قَالَ تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 57، 58].
وَقَالَ تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)} [طه: 132].
كلّ ذلك ليتفرغوا لأداء الأمانة التي عرضت عليهم عرضًا، فلَمَّا تحملوها على حكم الجزاء؛ حملوها فرضًا، ويا ليتهم اقتصروا على الإشفاق والإباية، وتأملوا فِي البداية خطر النهاية، لكنهم لم يخطر لهم خطرها على بال، كما خطر للسموات والأرض والجبال؛ فلذلك سُمي الإنسان ظلومًا جهولًا، وكان أمر الله مفعولًا؛ فدل على هذه الجملة المستبانة شاهد قولُه: " {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72].
فسبحان من أجرى الأمور بحكمته وتقديره، على وفق علمه وقضائه ومقاديره؛ لتقوم الحجة على العباد فيما يعملون، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون!
ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، الصادق الأمين، المبعوث رحمة للعالمين، بملة حنيفية، وشرعة الحاكمين بها حفية، ينطق بلسان التيسير بيانها، ويعرف أن الرفق خاصيتها، والسماح شأنها،