ذلك موقف سعيد بن المسيب من كبار التابعين ومن فقهاء المدينة السبعة مع الأمويين في شباب دولتهم، وهذا موقف ابن عمرو الأوزاعي عصري الإِمام مالك وأحد الأئمة المجتهدين مع العباسيين في فجر دولتهم وغلبة الشره إلى الدماء عليهم؛ فوازن بين موقفهما وموقف رجال الدين الحكومي مع الدولة الحاضرة وهي دولة مدنية بعد عهدها بأيام الاحتلال، ثم وازن بين تلك الصراحة في الحق وبين ما سمعناه كثيراً من قول رجال الدين الحكومي: وافق أو نافق أو فارق! يريدون وافق الحكام على أعمالهم ظاهراً وباطناً، أو ظاهراً فقط، أو اخرج من مملكتهم.
الحق أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد قل رجالهما منذ قرون.
فهذا الإِمام النووي في القرن السابع قرن أئمة العلوم وحفاظ الحديث يشكو ضياع هذا الواجب، فيقول: " واعلم أن هذا الباب (أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة، ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدّاً ".
أبعد هذا يحتج محتج لتقرير بدعة بسكوت من يعرفه من العلماء عنها؛!
على أن العلماء العاملين لم يتواطؤوا على السكوت، وقد نقلنا في هذه الرسالة من الأقوال ما تعرف به استمرار الإِنكار على البدع في كل زمان، وأن ما أنكرناه على أهل زماننا أنكره مَن قبلنا على أهل زمانهم، ولم ينفرد بهذه الخطة التقي ابن تيمية رحمه الله، وإن انفرد بالشهرة فيها.
وفيما يلي نثبت أسماء الكتب التي صرحنا بالنقل منها في صلب الرسالة،