يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَيْحَكَ! إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ... " الحديث (?).

وإنما امتنع الاستشفاع بالله، لأن الشفيع سائل، والله مسؤول لا سائل، ثم الشفيع في أصل اللغة ليس على المشفوع إليه أن يطيعه بقبول شفاعته، ففي حديث بريرة رضي الله عنها، أنها لما عتقت، وخيرها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في فراق زوجها مغيث؛ اختارت فراقه، فجعل مغيث يبكي من حبه إياها، حتى رق له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ لِبَرِيرَة: «لَوْ رَاجَعْتِهِ؟». فَقَالَتْ: تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ». قَالَتْ: فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ (?). أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، فلو قال لها - صلى الله عليه وسلم -: آمرك؛ لراجعت زوجها مغيثاً، ولمّا كانت الشفاعة لا تحمل معنى الأمر، بل تترك الاختيار للمشفوع إليه؛ أصرت على اختيارها الفراق؛ فلا جرم كانت الشفاعة إلى أحد مما يجلّ عنه مقام الألوهية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015