1 - أما الوسيلة في الآية الأولى؛ فقد حكى في " الدر المنثور " عن مفسري الصحابة والتابعين فيها أربع عبارات: عبارة حذيفة رضي الله عنه وغير واحد: أنها القربة، وعبارة قتادة: أنها الطاعة لله والعمل بما يرضيه، وعبارة أبي وائل رضي الله عنه: أنها الإِيمان، وعبارة ابن عباس: أنها الحاجة، وأنشد قول عنترة:
إِنَّ الرِّجَالَ لَهُمْ إِلَيْكِ وَسِيلَةٌ … أَنْ يَأْخُذُوكِ تكَحَّلِي وتَخَضَّبي
والعبارات متواردة على معنى واحد، فطاعة الله وعمل ما يرضيه قربة، والإِيمان عند السلف عقد وقول وعمل، فآل إلى الطاعة، والحاجة من الاحتياج والافتقار، فإن كان لله، فهو من الإِيمان المثمر للطاعة.
وقال الراغب بعد هذه الآية: " وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى مراعاة سبيله بالعلم والعبادة، وتحري مكارم الشريعة، وهي كالقربة ".
فرجعت الوسيلة إلى أنها القربة والطاعة، وحكى ابن كثير اتفاق المفسرين على هذا المعنى.
2 - وأما الوسيلة في الآية الثانية؛ ففسرها البغوي بالقربة [و] بالدرجة العليا وليس بين اللفظين تضارب، لأن الدرجة العليا ثمرة الطاعة والقربة، وفسرها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالقرب، وهو بمعنى الدرجة العليا، فقد روى الترمذي وابن