هذا وإنه قد بقي من أنواع المياه غير النجسة التي نحب التنبيه عليها بخصوصها ثلاثة أنواع: الماء المسخن، وماء زمزم، والماء المستعمل.

فأما المسخن فنوعان:

1 - المسخن بالشمس، ويسمى المشمس، وقد ضبط صاحب المنهاج من الشافعية المشمس فقال: " وضابط المشمس أن تؤثر فيه السخونة بحيث تفصل من الإناء أجزاء سمية تؤثر في البدن لا مجرد انتقاله من حالة لأخرى بسببها ".

وهذا قد كرهه بعض الفقهاء كالشافعي رحمه الله، وهو المعتمد عند المالكية، وقول لبعض الحنفية.

وقالوا: إن كراهته من جهة أنه يورث البرص وقد روى الشافعي عن عمر رضي الله عنه كراهية الاغتسال به.

وقالوا: إن الشمس بحدتها تفصل منه زهومة تعلو الماء فإذا لاقت البدن بسخونتها خيف أن تقبض عليه فيحتبس الدم فيحصل البرص.

وقد اشترط بعضهم للكراهية شروطا منها: أن يكون استعماله ببلاد حارة، وفي آنية منطبعة كحديد ونحاس، بخلاف الخزف والخشب والجلود والحياض وبخلاف المنطبع بالذهب والفضة، واشترطوا أيضا للكراهة أن يستعمل في حال حرارته. هذا ملخص ما قاله الشربيني في مغني المحتاج.

والقول الثاني: وهو مذهب الحنابلة، وجمهور الحنفية، جواز استعماله مطلقا بلا كراهة. والذي يظهر أنه إن ثبت أن فيه ضررا على البدن كره من هذه الجهة، وإلا فلا يكره.

والقسم الثاني من المسخن: هو المسخن بالنار:

عامة أهل العلم على جواز التطهر به، قال ابن المنذر رحمه الله بعد أن ساق طرفا من آية التيمم: (فالماء المسخن داخل في جملة المياه التي أمر الناس أن يتطهروا بها، وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير (?) » وممن روينا عنه أنه رأى الوضوء بالماء المسخن: عمر بن الخطاب، وابن عمر، وابن عباس، وأنس بن مالك - وساق بعض الآثار - ثم قال: " وهو مذهب عطاء، والحسن أبي وائل وكذا قال كل من نحفظ عنه من أهل المدينة، وأهل الكوفة، وكذلك قال الشافعي، وأبو عبيد وذكر أنه قول أهل الحجاز والعراق جميعا ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015