استغراقها في الشهوات هو الصواب والعقل، وما تأمر به النفس الناطقة هو الخطأ والجهل، وهذا قلب للمعقول وعكس لما تقتضيه الحكمة.

برهان سابع: كل شيء مركب من بسائط فإنه ينحل إلى بسائط، والإنسان مركب من سببين: روحاني وجسماني، ونحن نرى الإنسان إذا مات لحق جسمه بجسماني مثله، فكذلك روحانيته يجب أن تلحق بروحاني مثلها، وقد صح- بما قدمناه في البراهين السالفة- أن ذلك الروحاني هو الذي يفيد جسمه الحياة، وأنه حي بالفعل، فهو- إذن- حي بعد مفارقة الجسم لا يعدم الحياة.

برهان ثامن:// معنى الحياة الجسدية عند مقارنة النفس للجسم واستعمالها إياه، ومعنى الموت: مفارقة النفس إياه وتركها استعماله.

وقال من زعم أن النفس هالكة بهلاك الجسم: «معنى الحياة أن تكون النفس ذات حس، ومعنى الموت أن تعدم الحس»، فنسألهم عن الحس الموجود للنفس طول مقاربتها للجسم، هل هو ذاتي لها أو عرضي فيها؟ فإن كان ذاتيًا لها بطل أن تعدم الحس بعد مفارقتها للجسم، وإن كان عرضيًا فيها فلا يخلو من أن تكون استفادته من الجسم أو من جوهر آخر مصاحب له، فإن كان الجسم هو الذي يفيدها الحس وجب ألا يعدم الجسم الحس إذا فارقته النفس، وهذا خلاف ما نشاهد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015