برهان رابع: نفوسنا تجد الأشياء الهيولانية مصورة في ذاتها عند مغيب الأشياء المصورة عن حواسنا، وكذلك نرى الأشياء في حال نومنا، وما تراه نفوسنا من ذلك في حالتي اليقظة والنوم إنما هي صورة مجردة من هيولاتها، فثبت بذلك أن الصور لها وجودان: وجود في الهيولى، ووجود خلق من الهيولى، ولولا ذلك لم يستنكر وجود الإنسان بعد الموت صورة مجردة من الهيولى، ولم يمنع من ذلك مانع.

برهان خامس: تجد الإنسان بالمشاهدة يبدأ طفلاً لا يعلم شيئًا، ثم لا يزال كلما نشأ يترقى في المعارف وتكثر المعقولات في نفسه، حتى يصير فيلسوفًا حكيمًا، فلا يخلو ما يستفيد من التمييز والمعرفة أن يكون من قبل جسمه فقط، أو من قبل نفسه فقط، أو من قبلهما معًا، فإن كان من قبل جسمه فيجب أن يكون الإنسان كلما ضخم جسمه وكثرت مادته كان أقعد بقبول المعارف، وكلما ضؤل وقلت مادته كان أبعد عن قبول المعارف، ونحن نجد الأمر بعكس ذلك؛ لأنا نرى من به السلال والذبول ينقص جسمه كل يوم، وذهنه باق على كماله إلى أن تفارقه النفس، فبطل بهذا الدليل [أن يكون ذلك من قبل جسمه، وبنحو هذا الدليل يبطل أن] يكون من قبل نفسه// وجسمه معًا، فإذن ما يستفيده الإنسان من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015