ذلك لأنها لا ترفع، ولا يسند إليها حديث، واعتماد كل جملة مفيدة إنما هو على الاسم المرفوع الذي يسند إليه الحديث، أو ما هو في تأويل المرفوع، ولا تنعقد جملة مفيدة بشيء من المنصوبات والمجرورات حتى يكون فيها مرفوع أو ما هو في تأويل المرفوع، كقولنا: ما جاءني من أحد، وإن زيدًا قائم، فتأمل هذا الموضع فإنه يكشف عنك الحيرة في أمر الحال، وفيه لطف وغموض.
وأما القيام الذي وصف به الله- تعالى- نفسه في هذه الآية فليس يراد به المثول والانتصاب؛ لأن هذا من صفة الأجسام- تعالى الله عن ذلك- وإنما المراد بالقيام- ههنا- بالأمر: المحافظة عليه، يقال: فلان يقوم بأمر فلان، أي يعتني به ويهتبل شأنه، ومنه قوله عز وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]، أي: متكفلون بأمورهن، ومعنيون بشؤونهن، ومنه قول الأعشى:
(يقوم على الرغم في قومه ... فيعفو إذا شاء أو ينتقم)
هذا آخر ما عندي في القول في هذه الآية، ولله الحمد على ما سوغ من نعمه، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا.