العرب: «هذا زيد منطلقًا» و «أكثر شربي السويق ملتوتًا»، ونحو ذلك مما يكثر إذا تتبعناه.
فإن قال قائل: فكيف يصح أن تسمى هذه الأشياء أحوالاً وهي غير منتقلة، والكلام محتاج إليها؟ فالجواب عن ذلك من وجوه كلها مقنع:
أحدها: أن الحال شبيهة بالصفة، والصفة ضربنا: ضرب يحتاج إليه الموصوف، ولابد له منه وذلك إذا التبس بغيره، وضرب لا يحتاج إليه وإنما يذكر للمدح أو للذم أو للترحم، فوجب أن يكون الحال كذلك.
ومنها: أن الشيء إذا وجد فيه بعض خواص نوعه ولم يوجد فيه بعضها لم يخرجه من نوعه نقصان ما نقص منها، ألا ترى أن الاسم له خواص تخصه مثل التنوين، ودخول الألف واللام عليه، والنعت، والتصغير، والنداء، ولا يلزم أن توجد هذه الخواص كلها في جميع الأسماء، ولكن حيثما وجدت كلها أو بعضها// حكم له بأنه اسم، وكذلك الأحوال في هذه المواضع فيها أكثر خواص الحال، وشروطها موجودة، فلا يخرجها عن حكم الحال نقصان ما نقصها منها، كما لا يخرج (من) و (ما) ونحوهما عن حكم الأسماء نقصان ما نقصها من خواص الأسماء.
ومنها: أن النحويين لم يريدوا بقولهم: إن الحال فضلة في الكلام أن الحال مستغنى عنها في كل موضع على ما يتوهمه من لا دراية له بهذه الصناعة، وإنما معنى ذلك أنها تأتي على وجهين: إما أن يكون اعتماد الكلام على سواها والفائدة منعقدة بغيرها، وإما أن تقترن بكلام آخر تقع الفائدة بهما معًا، ولا تقع الفائدة بها مجردة، وإنما كان