والحجة الأخرى: أنه يقع الإشكال فلا يعلم السامع أيهما المسند وأيهما المسند إليه، فلما عرض فيها الإشكال لم يجز التقديم والتأخير، وكان ذلك بمنزلة الفاعل والمفعول إذا وقع الإشكال فيهما لم يجز تقديم المفعول، كقولك: ضرب موسى عيسى، وهذا قوي جدًا غير أن النحويين كلهم لم يتفقوا عليه، فعلى مذهب هؤلاء لا يجوز أن يكون (شر النساء) خبرًا مقدمًا بوجه من الوجوه، فإن كان هؤلاء القوم يريدون صناعة النحو فهذا ما توجبه صناعة النحو، وإن كانوا يريدون صناعة المنطق فقد قال جميع أهل المنطق، لا أحفظ في ذلك خلافًا بينهم: إن في القضايا لمنطقية قضايا تنعكس فيصير موضوعها محمولاً، ومحمولها موضوعًا، والفائدة في كلتا الحالتين واحدة، وصدقها، وكيفيتها محفوظان عليها، قالوا: فإذا انعكست ولم يحفظ الصدق والكيفية سمي ذلك انقلاب القضية لا انعكاسها.

ومثال المنعكس من القضايا قولنا: لا إنسان واحد حجر، ثم نعكس فنقول: لا حجر واحد إنسان [فهذه قضية] قد انعكس موضوعها محمولاً ومحمولها موضوعًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015