للإخراج عن اسم الفلسفة. وكذلك الحال في مجاوزة الحد الأعلى، نسأل الله واهب العقل وفارج الغم وكاشف الهم توفيقنا وتسديدنا ومعونتنا على ما هو الأرضى عنده والأزلف لنا لديه وجملة أقول: إنه لما كان البارئ عز وجل هو العالم الذي لا يجهل والعادل الذي لا يجوز وكان العلم والرحمة بإطلاق وكان لنا بارئا ومالكا وكنا له عبيدا مملوكين وكان أحب العبيد إلى مواليهم آخذهم بسيرهم وأجراهم على سننهم كان أقرب عبيد الله جل وعز إليه أعلمهم وأعدلهم وأرحمهم وأرأفهم. وكل هذا الكلام مراد قول الفلاسفة جميعا إن الفلسفة هي التشبه بالله عز وجل بقدر ما في طاقة الإنسان، وهذه جملة السيرة الفلسفية. فأما تفصيلها فعلى ما في كتاب الطب الروحاني، فإنا قد ذكرنا هناك كيف تنتزع الأخلاق الرديئة عن النفس وكم مقدار ما ينبغي أن يجرى عليه المتفلسف أمره في الاكتساب والاقتناء والإنفاق وطلب مراتب الرياسة

وإذ قد بينا ما أوردنا بيانه في هذا الموضع فنرجع ونبين ما عندنا ونذكر الطاعنين علينا ونذكر أنا لم نسر بسيرة إلى يومنا هذا - بتوفيق الله ومعونته - نستحق أن نخرج بها عن التسمية فيلسوفا. وذلك أن المستحق لمحو اسم الفلسفة عنه من قصر في جزئي الفلسفة جميعا - اعني العلم والعمل - بجهل ما للفيلسوف أن يعلمه أو سار بما ليس للفيلسوف أن يسير به. ونحن بحمد الله ومنه وتوفيقه وإرشاده فبُرآءُ من ذلك. أما في باب العلم فمن قبل أنا لو لم تكن عندنا منه إلا القوة على تأليف مثل هذا الكتاب لكان ذلك مانعا عن أن يمحى عنا اسم الفلسفة فضلا عن مثل كتابنا في البرهان وفي العلم الإلهي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015