(فصل) ومن جيّد ما قيل في الشمعة قول الموفق أبي الحجاج يوسف بن محمد بن الخلال صاحب ديوان الإنشاء بمصر «1» .
وصحيحة بيضاء تطلع في الدّجى ... صبحا وتشفى الناظرين بدائها
شابت ذوائبها أوان شبابها ... واسودّ مفرقها أوان فنائها
كالعين في طبقاتها ودموعها ... وسوادها وبياضها وضيائها
ولما نزل أبو على الحسن الأعصم بن أبى منصور أحمد بن أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنابى القرمطى «2» إلى الرملة، وقد قدم من الإحساء «3» لحرب جوهر القائد لسنة ست وستين وثلاثمائة، أحضر إليه الفراشون في بعض الليالى الشموع على العادة، فقال لكاتبه أبى نصر بن كشاجم «4» : «ما يحضرك في هذه الشموع» فقال:
«إنما نحضر مجلس السيد لنسمع من كلامه، ونستفيد من أدبه، فقال الحسن بن أحمد بديها:
ومجدولة مثل صدر القنا ... تعرّت، وباطنها مكتسى
لها مقلة هى روح لها ... وتاج على هيئة البرنس «5»
إذا غازلتها الصبا حرّكت ... لسانا من الذهب الأملس
وإن رنقت لنعاس عرا ... وقطت من الرأس لم تنعس
وتنتج في وقت تلقيحها ... ضياء يجلّى دجى الحندس
فنحن من النور في أسعد ... وتلك من النار في أنحس