وأكتأبت لذلك، وجعلت تطير مع وجه الأرض في التراب! فيعلم أنه قد مات اليعسوب، فتطلب يعسوبا آخر، فتأتى به فتجعله في تلك الخليّة، فتراجع النحل عملها.
فإن لم تقم لها يعسوبا فإنها تهلك عاجلا.
وجثة اليعسوب: مثل جثة نحلتين، وهو يأمرهم بالعمل، ويرتب على كل واحد ما يليق، فيأمر بعضها ببناء البيت، وبعضها بعمل العسل، ومن لا يحسن العمل يخرجه من الكور، ولا يتركه مع النحل فيبطّلهم، وينصّب بوابا على باب البيت ليمنع دخول ما وقع من النّحل على شىء من القاذورات.
واليعسوب إذا همّ بالخروج طنّ قبله بيوم أو يومين ليعلم الفراخ ما همّ به فتستعدّ له.
وأجناس النّحل كثيرة: فأما اليعاسيب فهى جنسان: أحدهما أحمر اللون وهو أفضل اليعاسيب، والآخر أسود مختلف اللون؛ ومنها ما تكون جثته مثل جثة أربع نحلات؛ وله حمة «1» ؛ وهو أسود النصف المقدّم، أحمر النصف المؤخر، وإنما كان أكثر من واحد صار مع كل يعسوب طائفة من النّحل؛ وإذا خرج اليعسوب من الخلية تبعته النحل كلها.
وإذا كان اليعسوب عظيما سمّى جحلا «2» بتقديم الجيم على الحاء.
وملوك النّحل لا تلذع، ولا تغضب لأنّ اليعسوب حليم جدا.
وإن في هذا القدر لعبرة؛ لأن هذا لو كان في واحد من عقلاء الإنس، الذين فضّلوا على جميع الحيوان؛ لكان ذلك عجبا؛ ولذلك قال الله تعالى بعدما قصّ علينا ما ألهمه هذا الحيوان على ضعفه ... إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ*
«3» أى يعتبرون بما قد ألهمه «4» النحل من لطيف الصنعة، ودقّة الحيلة، مع ضعف