لابن القوطية «1» ، وعلى ما هو عند الناس من ضربهم المثل بالماء.
وقوله: «شرابه اللبن والخمر» يعنى: يكون من شرابه اللبن، فإنه يتولد في الحيوان ما يتغذاه، والأغذية كلها من الماء وكلها لا تكون إلا عن الماء، وأما الخمر فالأمر فيه ظاهر.
وقوله: «ونقله الملح والتمر» هو أيضا من هذا الباب كأنه يقول: ومما ينتقل به مما يكون عنه الملح والتمر، وحقيقة الملح ما جمد في أرض خاصة، فاستحال أو أحالته الأرض إلى طبيعتها، كما قد علل هذا في موضعه من العلم الطبيعى، وأما التمر فإنه يتكون أيضا عن الماء ومما ينتقل به أى يوجد أحيانا.
وقوله: «يكره النسوان ويحب الغلمان» فإنه معنى مستغلق بعيد المعنى يحتاج إيضاح؛ لأنه مما لا يعرفه إلا الأقل من القليل، ولولا خشية الظن أنى أتكثر بما لا أعرف لما سمحت به، فإن كثيرا من أصحابنا- غفر الله لهم- يوهم أحدهم أنه يعرف العلم كله، فإذا فضحته شواهد هذا الامتحان تبين أنه لا يعرف شيئا.
فنقول: من الأسرار المعتبرة عند أئمة السحرة أنه إذا نزل المطر والبرد فتجردت امرأة من جميع ثيابها واستلقت على قفاها، ورفعت رجليها وباعدت ما بينهما بحيث يبقى فرجها بارزا نحو السماء، فإن المطر والبرد يرتفع نزوله عن تلك المزرعة والساحة التى بها تلك المرأة، ولا ينزل عليها منه شىء ما دامت المرأة كذلك، وشرط بعضهم أن تكون المرأة حائضا.
وأما حب الغلمان فسر بديع لم أر أحدا يذكرانى به، وهو أيضا من علوم القدماء، وذلك أن العين إذا أرادوا استبطا «2» أو كان ماؤها قليلا وقصدوا غزارته فإنهم يعمدون إلى سبعة غلمان بارعين في الجمال، فائقين في الحسن، مجيدين لضرب العود، عارفين بصناعة الموسيقا، ذوى أصوات مطربة، ثم يقومون صفا واحدا متحاذين وبيد كل واحد منهم عود وقد استقبلوا بوجوههم منبع العين، ويحركون أوتار عيدانهم تحريكا واحدا بإيقاع واحد مدة ثلاث ساعات بطالع