رسائل المقريزي (صفحة 246)

أهل الجنة. ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار وإنما الأعمال بالخواتيم» «1» .

فانظر- رحمك الله- كيف نبهنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على التيقظ، وأن لا نغترّ بما يبدو من ظاهر الأعمال. وإنّ العبرة بما يختم للعبد به. فلذلك طلب أهل الله من ربهم سبحانه أن يختم لهم بخير، إذ خاتمة الخير هى المعتبرة عند الله، وهى التى بها ينال العبد النجاة من النار، والفوز بالجنة.

وقد خرّج مسلم هذا الحديث مختصرا من طريق أبى هريرة رضى الله عنه، فقال: ثنا قتيبة بن سعيد، قال: أنبأنا عبد العزيز- يعنى ابن محمد- عن العلاء عن أبيه عن أبى هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم له عمله بعمل أهل النار. وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة» «2» .

فانظر- رحمك الله- كيف نص في حديث أبى هريرة هذا على ذكر الخاتمة، لا جرم أن كان طلب الخير أهم ما توجه إليه المتقون فقد جاء في بعض الآثار:

المخلصون على خطر عظيم.

وخرج هذا الحديث أيضا أبو بكر بن أبى شيبة من طريق أنس بسند في غاية الصحة وسياقة مفيد لما نحن بصدده، فقال: أنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس- رضى الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا عليكم ألا تعجلوا بحمد أحد حتى تنظروا بما يختم له، فإن العامل يعمل زمانا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة ثم يتحول فيعمل عملا سيئا، وإن العامل ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار، ثم يتحول فيعمل عملا صالحا، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته» . قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعمله؟ قال: «يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه» «3» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015