وقال الآخر:
أحب لحبها السودان حتى ... أحب لحبها سود الكلاب
وكانت الكلاب تناوشه، وهو يتحبب إليها، فهذا فعل المحب في حب من لا تسعده محبته عند الله تعالى ولا تورثه القربة عند الله تعالى، فهل هذا إلا من صدق الحب، وثبوت الود في النفس، فلو أحببت الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم أحببت أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلّم ورأيت كل ما يصدر منهم في حقك أنه جمال محض تتنعم به وتعلم أن لك عناية عند الله تعالى حيث ذكرك من يحبه وهم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولو ذكروك بذم وسب فتقول: الحمد الله الذى أجرانى على ألسنتهم، وتزيد الله تعالى شكرا على هذه النعمة، فإنهم ذكروك بألسنة طاهرة قد طهرها الله تعالى بطهارة لم يبلغها علمك.
وإذا رأيناك على ضد هذه الحالة مع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذى أنت محتاج إليه، وله عليك المنة حيث هداك به، فكيف أثق أنا بودك إذ تزعم أنك شديد الحب فىّ والرعاية لجانبى، وما ذاك على الحقيقة إلا من نقص إيمانك، ومن مكر الله تعالى واستدراجه بك حيث لا تعلم، وصورة المكر فيه أن تقول وتعتقد أنك في ذلك ذابّ عن دين الله تعالى وشرعه، وإنى ما طلبت إلا ما أباح الله تعالى لى طلبه، ويندرج الذم في ذلك الطلب المشروع، والبغض والمقت، وأنت لا تشعر.
والدواء الشافى من هذا الداء العضال «1» أنك لا ترى نفسك صاحب [حق معهم] «2» ، بل تنزل عن حقك لئلا يندرج فيه ما ذكرت لك، وما أنت من حكام المسلمين حتى تقيم فيهم حدود الله تعالى، فلو كشف لك عن منازلهم في الآخرة عند الله تعالى لوددت أن تكون [عبدا من عبيدهم] «3» . والله يلهمنا رشد أنفسنا بمنه وكرمه.
قال جامع هذه النبذة «4» : ويؤيد مقالة الشيخ محيى الدين هذه ما أخرجه