رسائل المقريزي (صفحة 184)

الناس، والخروج عن ملك الحيوان، فإنهم يريدون بذلك الحرية من جميع الأكوان.

ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم عبدا محضا «1» قد طهره الله تعالى وأهل بيته تطهيرا، وأذهب عنهم الرجس وهو كل ما يشينهم، فإن الرجس هو القذر عند العرب، كذا قال الفراء «2» قال الله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

فلا يضاف إليهم إلا مطهر ولابد، فإن المضاف إليهم هو الذى يشبههم، فما يضيفون لأنفسهم إلا من له حكم الطهارة والتقديس.

فهذه شهادة من النبى صلى الله عليه وسلّم لسلمان الفارسى، رضى الله عنه، بالطهارة والحفظ الإلهى والعصمة حيث قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلّم:

«سلمان منا أهل البيت» وشهد الله لهم بالتطهير، وذهاب الرجس عنهم؟

وإذا كان لا يضاف إليهم إلا مقدس مطهر، وحصلت له العناية الإلهية بمجرد الإضافة، فما ظنك بأهل البيت في نفوسهم فهم المطهرون، بل هم عين الطهارة.

فهذه الآية تدل على أن الله تبارك وتعالى قد شرك أهل البيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في قوله: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ

«3» .

وأى وسخ وقذر أقذر من الذنوب وأوسخ؟ فطهر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلّم بالمغفرة مما هو ذنب بالنسبة إلينا لو وقع منه صلى الله عليه وسلّم لكان ذنبا في الصورة لا في المعنى؛ لأن الذم لا يلحق به على ذلك من الله تعالى ولا منا شرعا، فلو كان حكمه حكم الذنب لصحبه ما يصحب الذنب من المذمة، ولم يكن يصدق قوله: لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

فدخل الشرفاء أولاد فاطمة عليهم السلام كلهم إلى يوم القيامة في حكم هذه الآية من الغفران، فهم المطهرون باختصاص من الله تعالى، وعناية بهم لشرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015