فقوله: وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ
جملة معترضة من جهة الله تعالى بين كلام بلقيس.
وقوله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ
«1» .
أى فلا أقسم بمواقع النجوم. إنه لقرآن كريم. وما بينهما اعتراض على اعتراض، وهو كثير في القرآن وغيره من كلام العرب، فلم لا يجوز أن يكون قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
جملة معترضة متخللة لخطاب نساء النبى صلى الله عليه وسلّم على هذا النهج؟ وحينئذ يضعف اعتراضكم.
وأما الرجس فإنما يجوز حمله على الكفر، أو على مسمى خاص لو كان له معهود، ولكن لا معهود له، فوجب حمله على عمومه إذ هو اسم جنس معرّف باللام، وهو من أدوات العموم، وأما ما ذكرناه من أخبار الآحاد فإنما أكدنا به دليل الكتاب، ثم هى لازمة لكم، فنحن أوردناها «2» إلزاما لا استدلالا.
قال [الطوفى] «3» : واعلم أن الآية ليست نصا ولا قاطعا في عصمة أهل البيت، وإنما قصاراها أنها ظاهرة في ذلك بطريق الاستدلال الذى حكيناه عنهم، والله أعلم.
وقال العارف محيى الدين أبو عبد الله محمد بن عربى «4» رحمه الله تعالى:
«كل عبد إلهى توجه لأحد عليه حق من المخلوقين فقد نقص من عبوديته لله تعالى بذلك القدر [من الحق] «5» فإن ذلك المخلوق يطلبه بحقه وله عليه سلطان به، فلا يكون عبدا محضا خالصا لله تعالى، وهذا هو الذى رجح عند المنقطعين إلى الله انقطاعهم عن الخلق، ولزومهم السياحات، والبرارى، والسواحل، والفرار من