رسائل المقريزي (صفحة 166)

الراشدين، وقد تقدم بيان ذلك فلا حاجة إلى إعادته.

الثالثة: أنه لم يتبع سنّة المفسدين الذين نهى الله عن اتباعهم بقوله عز وجل:

وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ

«1» وبيان ذلك: أن الدراهم لم تغشّ إلا عند تغلب المارقين الذين اتبعوا قوما قد ضلوا كما مرّ آنفا.

الرابعة: أنه نكب عن الشره في الدنيا، وذلك أن الدرا؟؟ هم لم تغشّ إلا للرغبة في الازدياد منها.

الخامسة: أنه أزال الغش عملا بقوله صلى الله عليه وسلّم: «من غشنا فليس منا» «2» .

السادسة: أنه فعل ما فيه نصح لله ولرسوله، وقد علم قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: الدين النصيحة. الحديث «3» . ويمكن أن يتلمح لها فوائد أخر.

وإنه ليكثر تعجّبى من كون هذه الدراهم المؤيدية ولها من الشرف والفضل ما ذكر، وللملك المؤيد من عظيم القدر، وفخامة الأمر ما هو معروف، ومع ذلك تكوم مضافة ومنسوبة إلى الفلوس، التى لم يجعلها الله تعالى قط نقدا في قديم الدهر وحديثه، إلى أن راجت في أيام أقبح الملوك سيرة وأردأهم سريرة: الناصر فرج، وقد علم كل من رزق فهما وعلما أنه حدث من رواجها خراب الإقليم، وذهاب نعمة أهل مصر وأن هذا في الحقيقة كعكس للحقائق، فإن الفضة هى نقد شرعى، لم تزل في العالم والفلوس، إنما هى أشبه بلا شىء، فيصير المضاف مضافا إليه، اللهم ألهم مولانا الملك المؤيد بحسن السفارة الكريمة، أن يألف من أن يكون نقده مضافا إلى غيره، وأن يجعل نقده تضاف إليه النقود، كما جعل الله تعالى اسمه الشريف يضاف إليه اسم كل من رعيته، بل كل ملك من مجاورى ملكه، والأمر في ذلك سهل إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015